الأحد، أكتوبر ٣٠، ٢٠٠٥

السحابة السوداء

نظرياً: الخريف هو أفضل فصل في مصر من ناحية الطقس المعتدل وعدم وجود ما يعكر صفو هذا الإعتدال كما هو الحال مع رياح الخماسين في فصل الربيع.
ولكن هذا الكلام كان صحيحاً قبل أن تبدأ ظاهرة السحابة السوداء في الحدوث منذ بضعة سنوات.
لمن لا يعرف ما هي السحابة السوداء : السحابة السوداء هي دخان خانق يجثم على سماء القاهرة طيلة النصف الأول من فصل الخريف تقريباً ويصيب الناس جميعاً بالضيق ويصيب البعض بأزمات تنفسية وحرقان في العين، بل أنه يسبب ذهاب البعض إلى المشفى للعلاج من الأزمات الصدرية.
عندما بدأت هذه الظاهرة في الحدوث منذ بضع سنوات إحتار الناس في تفسير سببها وأصلها، بل أن المسئولين عن البيئة لم يعرفوا السبب الحقيقي وراء هذه الظاهرة اللعينة وذلك في حد ذاته فشل ذريع. وفتح هذا الفشل المجال لمحبي الشهرة ومدعين العبقرية والمعرفة لتقديم تفسيرات متعددة ولا أصل لها من الصحة. فتارة يظهر أحد العباقرة بتفسير قائلاً أنه هو الذي إكتشف سبب السحابة السوداء وهو أنه يوجد مقلب قمامة يحرق القمامة كل يوم مما أدى الى ظهور السحابة اللعينة. وتارة أخرى يكتشف أحد النجباء السبب وهو موسم شي الذرة. وتارة يكون السبب زيادة تدخين الشيشة في المقاهي.
وأخيراً وبعد عدة سنوات عرف السبب وهو أن الفلاحون يقومون بحرق قش الأرز بعد جنية في هذا الوقت من العام. والمزارعون معذورون لأنهم إذا تركوا هذا القش في أراضيهم سيؤدي ذلك الى إندلاع الحرائق وتجمع الفئران والثعابين. الأمر المحزن هو أن هذا القش ذو قيمة إقتصادية مرتفعة ويمكن إستخدامة في أشياء عدة، ولكن المزارعون لا يجدون من يشتريه منهم وذلك لتقاعس الحكومة عن دورها في جمع هذا القش من المزارعون.
لكن الأمر الذي يصيبني بالغضب الشديد هو أنه كل عام يدلي وزير البيئة بتصريحاته الوردية ويقول أن السحابة السوداء لن تظهر هذا العام وذلك نتيجة لتضافر جهود رجال الوزارة الأشاوس في منع أسباب السحابة حتى قبل أن تحدث، وأن الوزارة تعاقدت مع المزارعون لشراء قش الأرز وأن الوزارة سوف تطرح القش في الجمعيات التعاونية بسعر مخفض.
بعد دراسة وملاحظة متأنية لاحظت أنه عندما يدلي أحد رجال وزارة البيئة يتصريح مثل التصريح السابق يكون هذا إعلاناً لبداية موسم السحابة السوداء. وكلما زادت التصرحات تأكيداً زادت السحابة السوداء كثافة.

1 Comments:

At ٢/١١/٠٥ ١٤:٢١, Blogger Abdelrahman said...

معاك حق يا صاحبي. أنا من الناس اللي حياتهم بتبقى صعبة قوي في الوقت ده (عندي حساسية).. بالإضافة إلى حالة الضيق واليأس من حكومة هذا البلد الي مش قادرة تحل مشكلة بهذه التفاهة (والأهمية في نفس الوقت) رغم تكرارها عاما بعد عام. في الدول المتقدمة لا يتم التخلص من المخلفات الزراعية بل على العكس تمثل مصدرا إضافيا للدخل للمزارعين حيث يتم تحويلها إلى طاقة غير ضارة للبيئة. هنا وعلى العكس لا نكتفي بإضاعة هذا المصدر للطاقة فحسب ولكننا نستخدمه في إتلاف البيئة!

 

إرسال تعليق

<< Home